التنشئة الاجتماعية وتعزيز قيم المواطنة

Authors

عمر موسى عمر بوحردة

Synopsis

لعل المتتبع لمقولة عالم السلوكيات الأمريكي (جون واطسون) Watson  الشهيرة: "أعطني دستة A dozen من الأطفال سليمي البنية، والإمكانات المطلوبة، أضمن لك أن أنشئ من أي واحد منهم أي متخصص تريده: طبيبا أو محاميا أو فنانا أو تاجرا أو متسولا أو لصا، بغض النظر عن إمكاناته ومواهبه وجنسه وسلالته" (Bacanli 2016:19)، تأكيدا منه على أهمية التعلم في مجال التربية والتنشئة، إذ يرى أن السلوك لا ينشأ من الغرائز أو أي شيء فطري آخر، بل إنه يكتسب من خلال التعلم، وبخاصة الطريقة الشرطية الكلاسيكية على الطريقة (البافلوفية), أو الاشتراط الإجرائي كما أوضح "سكينر" من خلال التغييرات في السلوك نتيجة استجابة الفرد للأحداث والمحفزات التي تحدث في البيئة.

يبين ذلك إلى أي حد يمكن التعويل على عملية التنشئة الاجتماعية في تشكيل شخصية الكائن البشري، من مجرد كائن بيولوجي عضوي، إلى كائن اجتماعي، في نقلة نوعية له من الحظيرة الفيزيقية للكائنات الحية، إلى الحاضنة الاجتماعية المُشَيَّدَة بالرموز الثقافية، لضمان تثبيت نظرية المعرفة على الخضوع لقوانين الطبيعة، واستمرار تمرده على فطرته البدائية، ليتمكن من إنتاج وإعادة إنتاج خاصيته البشرية، ليكون جديرا بالتفرد بكونه الكائن الوحيد الصانع لأدوات إنتاجه الثقافية والاجتماعية المفارقة، التي تمكنه من العيش في قواعدها ونظمها، خارج ذاته الفطرية التي لم يشارك في إنتاجها.

لعل هذا العمل يشكل جزءًا من التفاعلات الايجابية لعمليات هذه الآلة الاجتماعية الضخمة لإنتاج الإنسان لنفسه، بما يميزها من متطلبات مركبة، للقيام بدور أعادة أنتاج وتطوير أدواته وتفكيره بذاته، بما ينسحب على كل الأنشطة البشرية الهادفة إلى الرقي بمتعلقات الإنسان المختلفة، سواء كانت مواطنة أو انتماء أو غير ذلك من أنماط محاولات تعميق أنسنة الإنسان (تنشئته)، كما هو شأن القائمين على هذا العمل، الذي يسعى لتقديم نوع من المقاربة السوسيولوجية لتفعيل دور عملية التنشئة في تعزيز المواطنة، كخيار استراتيجي للإنسان، نابع من انحيازه في جدلية "الاتحاد/الانفصال" مع الطبيعة لحيازة قوتها أو جبروتها، كمصدر لفك العزلة عن نفسه بالانصهار في غيره بشتى الوسائل، سواء بتجربة الانغماس في الفجور والمسكرات وغيرها، لتعطيل وعيه، الذي يذكره بإنسانيته الميتافيزيقة، والذي لن يمكنه من تحقيق تلك الوحدة المنشودة، أو يجد أن الحل كامن في تطوير عقله، (فروم، 1990) ليتحرر من حالة الاغتراب عن ذاته، بمزيد من الانتماء لذاته، كضمير اجتماعي، بمعناه (الدوركايمي).

Downloads

Published

December 3, 2022

Categories

Details about this monograph

Co-publisher's ISBN-13 (24)

ISBN 978-9959-1-2947-5 ردمك